حق الاختلاف 2
صفحة 1 من اصل 1
حق الاختلاف 2
حينما وصف الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم:4]. لم يكن خُلُقَه صلى الله عليه وسلم مقصورًا على أولئك الذين يطمع في دعوتهم، بل حتى قبل بعثته صلى الله عليه وسلم كان مثلًا أعلى في حسن الخلق مع الخاص والعام.
وأما بعد بعثته وبعد نزول الوحي عليه فكان شيئًا آخر غير ما عهده الناس؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «في كل كبد رَطْبَةٍ أجر». وقال صلى الله عليه وسلم: «والشاة إن رحمتها رحمك الله».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غُفر لامرأة مُومِسَة، مرَّت بكلب على رأس رَكِيٍّ يلهثُ، قال: كاد يقتله العطش. فنزعت خُفَّها فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغُفر لها بذلك».
إن الدين لم ينزل لتأجيج الصراع بين الناس، بل لضبط العلاقة وتنظيمها وعمارة الأرض: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) [هود:61]. ولهذا خلقَ اللهُ آدمَ عليه السلام من أجل عمارة الأرض والسعي والضرب فيها؛ فقالت الملائكة لربها تبارك وتعالى: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) [البقرة:30]. فقد علموا أن الإفساد في الأرض وسفك الدماء مما يكرهه الله عز وجل، ولم يخلق الله البشر وينزل الكتب من أجله.
لقد جاءت الشرائع بحفظ الضرورات الخمس، وما يلحقها ويتصل بها ويماثلها في المقاصدية الشرعية، وتحريم القتل، والزنا، والكذب، والسرقة، والظلم وغير ذلك.
وحفظت الشريعة الخاتمة حقوق الناس، بما في ذلك حقوقهم في الاختلاف، حتى جعل الله الإنسان مخلوقًا مختارًا، ويسَّره الله لما خلقه له من خير أو شر، هدى أو ضلال، وفي الحديث: «اعملوا، فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له».
وجعل الاختلاف مقبولًا، ومأجورًا، إذا كان ضمن الحدود المرسومة، وتحلَّى صاحبه بالنية الحسنة، وتجرَّد قدر وُسعِه من الهوى.
وهذا الخلاف في أصله رحمة وسَعة، وإنما يكون الحرج والضيق إذا داخل الخلاف هوى أو حظ نفس، أو تم التعامل معه بطريقة غير شرعية؛ فيتحوَّل إلى فُرقة وتنازع بين المؤمنين، ولهذا لما كتب إسحاق بن بُهلول كتابًا، جاء به إلى الإمام أحمد وقال: هذا كتاب سميته: «كتاب الاختلاف». فقال له: لا تُسمِّه: «كتاب الاختلاف»، سمِّه: «كتاب السَّعَة»!
وقال بعض العلماء عن الصحابة: اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.
وقال عمر بن عبد العزيز: «ما أُحِبُّ أن أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولًا واحدًا كان الناسُ في ضِيقٍ، وإنهم أئمةٌ يُقتدى بهم، ولو أخذ رجلٌ بقول أحدهم كان في سَعة».
إن الناس لما احتاجوا إلى الحساب في معاملاتهم وبيعهم وشرائهم، كان للحساب أصول وضوابط وقواعد، ولما كانوا يحتاجون إلى النحو في كلامهم وحديثهم، جاءت قواعد النحو والإعراب، وهكذا لما كان الخلاف بينهم قطعيًّا، جاءت قواعد وآليات شرعية يسير عليها المختلفون؛ لئلا يَكْشِفَ التنازع عن سوءات أخلاقية أو عدوانية شريرة تتذرَّع بالحق ونصره، أو بالدين وحمايته، وتُدمِّر صاحبها قبل الآخرين.
وأما بعد بعثته وبعد نزول الوحي عليه فكان شيئًا آخر غير ما عهده الناس؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «في كل كبد رَطْبَةٍ أجر». وقال صلى الله عليه وسلم: «والشاة إن رحمتها رحمك الله».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غُفر لامرأة مُومِسَة، مرَّت بكلب على رأس رَكِيٍّ يلهثُ، قال: كاد يقتله العطش. فنزعت خُفَّها فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغُفر لها بذلك».
إن الدين لم ينزل لتأجيج الصراع بين الناس، بل لضبط العلاقة وتنظيمها وعمارة الأرض: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) [هود:61]. ولهذا خلقَ اللهُ آدمَ عليه السلام من أجل عمارة الأرض والسعي والضرب فيها؛ فقالت الملائكة لربها تبارك وتعالى: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) [البقرة:30]. فقد علموا أن الإفساد في الأرض وسفك الدماء مما يكرهه الله عز وجل، ولم يخلق الله البشر وينزل الكتب من أجله.
لقد جاءت الشرائع بحفظ الضرورات الخمس، وما يلحقها ويتصل بها ويماثلها في المقاصدية الشرعية، وتحريم القتل، والزنا، والكذب، والسرقة، والظلم وغير ذلك.
وحفظت الشريعة الخاتمة حقوق الناس، بما في ذلك حقوقهم في الاختلاف، حتى جعل الله الإنسان مخلوقًا مختارًا، ويسَّره الله لما خلقه له من خير أو شر، هدى أو ضلال، وفي الحديث: «اعملوا، فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له».
وجعل الاختلاف مقبولًا، ومأجورًا، إذا كان ضمن الحدود المرسومة، وتحلَّى صاحبه بالنية الحسنة، وتجرَّد قدر وُسعِه من الهوى.
وهذا الخلاف في أصله رحمة وسَعة، وإنما يكون الحرج والضيق إذا داخل الخلاف هوى أو حظ نفس، أو تم التعامل معه بطريقة غير شرعية؛ فيتحوَّل إلى فُرقة وتنازع بين المؤمنين، ولهذا لما كتب إسحاق بن بُهلول كتابًا، جاء به إلى الإمام أحمد وقال: هذا كتاب سميته: «كتاب الاختلاف». فقال له: لا تُسمِّه: «كتاب الاختلاف»، سمِّه: «كتاب السَّعَة»!
وقال بعض العلماء عن الصحابة: اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.
وقال عمر بن عبد العزيز: «ما أُحِبُّ أن أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولًا واحدًا كان الناسُ في ضِيقٍ، وإنهم أئمةٌ يُقتدى بهم، ولو أخذ رجلٌ بقول أحدهم كان في سَعة».
إن الناس لما احتاجوا إلى الحساب في معاملاتهم وبيعهم وشرائهم، كان للحساب أصول وضوابط وقواعد، ولما كانوا يحتاجون إلى النحو في كلامهم وحديثهم، جاءت قواعد النحو والإعراب، وهكذا لما كان الخلاف بينهم قطعيًّا، جاءت قواعد وآليات شرعية يسير عليها المختلفون؛ لئلا يَكْشِفَ التنازع عن سوءات أخلاقية أو عدوانية شريرة تتذرَّع بالحق ونصره، أو بالدين وحمايته، وتُدمِّر صاحبها قبل الآخرين.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى